لبوا نداءه، بالفعل لا بالقول، وقولوا: لبيك وسعديك وكلنا حاضرون بين يديك وطوع أمرك
املأوا الساحات اليوم، ازدحموا في الطرقات، وارفعوا للنصر رايات وقبضات.
لبوا نداءه اليوم وكونوا في الميادين، وشاركوا المنتصرين، وليخسأ الخونة والكاذبون والمنافقون والمتآمرون.
لبوا نداءه اليوم، وازحفوا من بيروت والجنوب والجبل والشمال نحو مدينة الشمس مدينة الوفاء والشرف والإباء. ازحفوا جميعا، عوائل بأكملها، قرى عن بكرة أبيها، شيبا قبل الشبان، نساءً قبل الرجال. فلليوم دلالات عظيمة ستكتشفونها في القادم من الأيام. واعلموا أن مشاركتكم في احتفال التحرير الثاني أهم بكثير من مشاركتكم في احتفال التحرير الأول. إن اليوم ليس يوما عاديا، واحتفال اليوم ليس كغيره من الاحتفالات، ومن يدرك التحولات التي تجري في المنطقة يدرك أهمية هذا اليوم.
إن اليوم الخميس في عظمته كيوم بدر الذي هَزَمَ فيه المؤمنون على قلتهم المشركين على كثرتهم، هو اليوم الذي دعا فيه النبي ربه فقال : أَللَّهُمَّ إِنْ تَهْلكْ هذه العُصَابَةُ فلنْ تُعْبَدَ بَعْدَها في الأرضِ أبداً.
إن اليوم كيوم الأحزاب في نتائجه، ذلك اليوم الذي تزلزلت فيه الأقدام، وبلغت القلوب الحناجر، وظن الخائفون الظنون بالله، فَحُسِمَ الأمر بضربة واحدة من علي (ع): وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26 الأحزاب).
فلبوا نداءه، وامضوا إلى حيث يدعوكم ليرفع من كرامتكم، ليؤكد حضوركم، ليتكلم باسمكم، كلام العز والشموخ، كلام الصمود والثبات، كلام المنتصر على شياطين العالم وأبالسته، الذين احتشدوا من كل صوب، وأتوا بجحافلهم من كل حدب، وجيشوا الجيوش، وحَشِّدوا الألوف، وأنفقوا المليارات فكانت عليهم حسرة، وستبقى حسرة في قلوبهم، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين (آل عمران 54).
اليوم موعدكم أيها الشرفاء الأبرار أيها الحاضرون المُلَبُّوْنَ، أيها الصادقون المضحون، اليوم موعدكم وبعلبك تفتح أبوابها لكم، وسيد الناس ينتظركم.
اليوم موعدكم وإن اليوم الخميس التاسع من ذي الحجة، وفي هذا اليوم أذَّنَ إبراهيم في الناس بالحج فلبى نداءه والمؤمنون وما زالوا، وقف في عرفات ونادى بأمر الله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ... (28 الحج)، واليوم من الأيام المعلومات التي سيخلدها التاريخ،فاستجيبوا لسيدكم كما استجاب المؤمنون لأبي الأنبياء وشيخهم إبراهيم (ع) وهم في أصلاب آباءهم وترائب أمهاتهم.
اليوم موعدكم وقد كنتم تُمَنُّوْنَ النفس أن تقدموا شيئا في هذه المواجهة الشرسة المستمرة منذ سبع من السنين، وها أنتم مدعوون للمشاركة، وإن مشاركتكم لا تقل في الأهمية والدلالة من مشاركة من لم يزل يمتشق سلاحه في ميادين الجهاد. فاليوم سيتمنى كثيرون من أبالسة هذا العالم لو يموتون عندما يشاهدون جموعكم، وسيعضون على أناملهم من الغيظ عندما يرون حشودكم.
فَلَبَّوا... والزمان زمان التلبية... كل نصر وأنتم بخير